خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م : حفظ العرض والشرف ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م : حفظ العرض والشرف ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ: 19 من ربيع الآخر 1442هـ – 4 ديسمبر 2020م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م ، للدكتور خالد بدير : حفظ العرض والشرف:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م ، للدكتور خالد بدير : حفظ العرض والشرف ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م ، للدكتور خالد بدير : حفظ العرض والشرف ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م ، للدكتور خالد بدير : حفظ العرض والشرف : كما يلي:
العنصر الأول: حفظ العرض والشرف من مقاصد الشريعة الإسلامية
العنصر الثاني: سياجات حفظ العرض والشرف في الإسلام
العنصر الثالث: مسئوليتنا عن العرض والشرف
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 4 ديسمبر 2020م ، للدكتور خالد بدير : حفظ العرض والشرف : كما يلي:
المـــوضــــــــــوع
الحمد لله القائل في كتابه الكريم: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً }. (الروم: 21) . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . أما بعد:
العنصر الأول: حفظ العرض والشرف من مقاصد الشريعة الإسلامية
عباد الله: لقد جاءت الشريعة الإسلامية السمحة لتحقيق مصالح العباد ودفع المفاسد عنهم، يقول الإمام الشاطبي : « وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل» . [الموافقات].
ويقول الإمام ابن القيم:« إن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل » . [إعلام الموقعين].
وقد أمرنا الشارع الحكيم بحفظ الضرورات التي بها قوام البلاد والعباد وهي: الدين والنفس والمال والعقل والعرض .
وحديثنا اليوم مع حضراتكم عن مقصد حفظ العرض والشرف في الشريعة الغراء .
والعرض هو : “ما يمدح به ويذم من الإنسان، سواء كان في نفسه، أو سلفه أو من يلزمه أمره ” . (المعجم الوسيط) .
أي أنه بتعبيرنا المعاصر: الكرامة والسمعة والشرف. ومنه قول حسان بن ثابت، وهو يذب عن عِرضه صلى الله عليه وسلم:
فإن أبي ووالده وعرضي ……………….. لعرض محمد منكم وقاءُ
وحرمة الأعراض – عباد الله – حرمة عظيمة، وصدق من قال:
أصـون عرضي بمالي لا أدنسه ………. لا بارك الله بعد العرض في المالِ
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ الأعراض في خطبة حجة الوداع يوم عرفة فقال: « إنَّ اللهَ حرَّمَ عليكُمْ دمَاءَكمْ وأموالَكُمْ وأعرَاضَكمْ ، كَحُرْمَةِ يومِكُمْ هذَا ، في شَهرِكُم هذَا ، في بَلَدِكم هذَا » . ( البخاري ومسلم ) . وعند مسلم : ” كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ” . وفي رواية: ” وَالْمُؤْمِنُ حَرَامٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ كَحُرْمَةِ هَذَا الْيَوْمِ ، لَحْمُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ يَأْكُلَهُ بِالْغِيبَةِ يَغْتَابُهُ ، وَعِرْضُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ يَخْرِقَهُ ، وَوَجْهُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ يَلْطِمَهُ ، وَدَمُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ يَسْفِكَهُ ، وَمَالُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ يَظْلِمَهُ ، وأَذَاهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ ، وَهُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ يَدْفَعَهُ دَفْعًا “. (المعجم الكبير للطبراني ).
ولشدة حرمة الأعراض والأنفس والأموال والأديان عد الإسلام من يُقتل دفاعاً عنها شهيداً، أو بمنزلة الشهيد، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :” مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ؛ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ؛ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ؛ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ” . ( أحمد والترمذي وصححه ) . فهذه الأحاديث والروايات كلها تدل على حرمة الأعراض، وضرورة الحفاظ عليها. و ” المراد بهذا كله: بيان توكيد غلظ تحريم الأموال والدماء والأعراض والتحذير من ذلك” (شرح النووي على مسلم ) .
يقول بعضُ السلف: “أدركنا السلفَ الصالحَ وهم لا يرَون العبادة في الصلاة والصيام، ولكن في الكفِّ عن أعراض الناس “.
فالعرض عند الإنسان من أهم مقاصد الشريعة في قوام الحياة الإنسانية ، فيجب أن يقوم بالمحافظة على عرضه ومحارمه؛ ولهذا أمر الإسلام بالمحافظة على العرض وصيانته والدفاع عنه؛ وجعل الإسلام لذلك وسائل وحدود كما في عنصرنا التالي:
العنصر الثاني: سياجات حفظ العرض والشرف في الإسلام
أيها المسلمون: لقد وضع الإسلام سياجات متينة وأعمدة رصينة ووسائل حصينة لحفظ العرض والشرف ومن ذلك :
أن الإسلام شرع الزواج وحث عليه ورغب فيه : لما فيه من السكن والمودة والرحمة والاستقرار النفسي والمعنوي ؛ قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً }. (الروم: 21) .
وحرم الزنا بنص القرآن والسنة وإجماع علماء الأمة: قال تعالى: { وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا }، لأن الزنا فيه هتكٌ للعِرض، وضياع للنسب، واعتداءٌ على الحُرُمات، وهدمٌ للأُسَر، وفساد للأخلاق. والملاحظ أن الله قال: ولا تقربوا ولم يقل ولا تزنوا !! ليسد كل طريق يؤدي إلى الزنا، من النظرة أو الابتسامة أو غيرهما كما قال الشاعر :
نـَظرَةٌ فَابتِسامَةٌ فَسَلامٌ ……………. فَـــكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ
فَفِراقٌ يَكونُ فيهِ دَواءٌ …………. أَو فِراقٌ يَكونُ مِنهُ الداءُ
كما حرم اللواط: وهو إتيان الرجال من دون النساء ؛ وجعله الإسلام جريمة منكرة لا تليق بالإنسان المفضل المكرم ؛ وهو هتك للعرض والشرف ؛ وأن عقوبته عند جمهور العلماء القتل برواية ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ” . ( الترمذي وابن ماجه بسند حسن).
كما حرم الإسلام القذف : فنجد الإسلامَ يحرِّم قَذْفَ المحصَنات الغافلات المؤمنات، ويعتبره كبيرةً مِن الكبائر، ومِن السبعِ الموبِقات، ويضَع له حدًّا قال تعالى: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }. [النور: 4]؛ فقذفُ المحصَنات بالزنا فيه إشاعةٌ للفواحش، ونشرٌ للمنكَرات، وتفكيكٌ للأُسَرِ والمجتمعات .
كما حرم الشائعات : لما فيها من هتك أعراض الأفراد والأسر والمجتمعات ؛ وتوعد مروجها بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة . قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }. (النور: 19). وما حادثة الإفك عنا ببعيد .
كذلك حرم الدخول علي الناس في بيوتهم بدون استئذان: قال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}. (النور: 27). والاستئذان فرضٌ في الإسلام؛ من أجل النظر، وحماية العرض، وحرمة البيت؛ فعن سهل بن سعدٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ” إنما جُعِل الاستئذان من أجل البصر ” . ( البخاري ومسلم). وعن أبي هريرةعن النبي أنه قال: ”من اطلع في بيت من غير إذنهم حُل لهم أن يفقئوا عينه“ . ( مسلم ) .
والاستئذان يكون على الجميع بلا استثناء حتى الأم نفسها ؛ فعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا . فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي خَادِمُهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً؟! قَالَ: لَا. قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا.” (مالك والبيهقي مرسلاً) .
كما حرم الخلوة بالمرأة الأجنبية: فعن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ” . ( الترمذي ) . قال الشوكاني:” والخلوة بالمرأة الأجنبية مجمع علي تحريمها ؛ وعلة التحريم ما في الحديث من كون الشيطان ثالثهما وحضوره يدفعهما في المعصية” . ( نيل الأوطار ) .
كما أوجب غض البصر علي الرجال والنساء : قال تعالى: { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } . [النور: 30، 31].
كما حرم التبرج بالقول أو الفعل وإبداء الزينة: فالتبرج بالقول في قوله تعالى: { فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } . (الأحزاب: 32)0والتبرج بالفعل في قوله تعالى: { وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } . ( النور: 31) . والتبرج بإبداء الزينة في قوله تعالى: { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } . ( النور: 31) .
وقد نهى الله تعالى عن التبرج بجميع صوره لأن التبرُّجَ وباءٌ خطير، إذا انتشر في مجتمع فإنه يساعد على نشرِ الفواحش، وإشاعةِ المنكَرات، وتأجُّج الشهوات؛ لذا يأمُرُ الإسلامُ المرأةَ بالتحجُّب والتستُّر والحياء في اللِّباس والقول والفعل والزينة .
كما حرم الاختلاط : لِما يصحَبُه من نشر المنكَرات، وإشاعة الرذائل، وضياع الأخلاق، كما ينهى عن التخنُّثِ للرجال، والترجُّل للنساء؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ” لعَن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المُخنَّثِين من الرجال، والمترجِّلات من النساء” . (البخاري ) .
كما حرم الإسلام الغيبة والنميمة محافظةً على العرض: لأن الإنسان إذا اغتاب أخاه المسلم فقد انتهك عرضه، والغيبة: هي ذكرك أخاك بما يكره في غيبته؛ كأن تقول: فلان بخيل، أو فلان طويل، أو فلان قصير على جهة التنقص، أو فلان يقول كذا، أو فلان لا يفعل كذا. هذا كله من المحرمات، بل جعلها الإسلام من الكبائر، قال تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}. (الحجرات: 12) . وثبت في حديث المنام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ” مر بقوم يخدشون أجسامهم ويأكلون لحومهم، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- جبرائيل، فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم”( أبو داود ) .
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” يا مَعْشَرَ مَن أسلم بلسانِه ولم يَدْخُلِ الإيمانُ قلبَه لا تُؤْذُوا المسلمينَ، ولا تُعَيِّرُوهم، ولا تَتَّبِعُوا عَوْراتِهِم، فإنه مَن تَتَبعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ، يَتَتَبَّعِ اللهُ عَوْرَتَه ومَن يَتَتَبَّعِ اللهُ عَوْرَتَه يَفْضَحْهُ ولو في جوفِ بيتِه”. ( ابن حبان والترمذي بإسناد صحيح ). فينبغي عليك كمسلم أن ترد عن عرض أخيك في غيبته ؛ يقول صلى الله عليه وسلم :” مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ” . (الترمذي وحسنه) .
وبعد أيها المسلمون: فهذه المبادئ والسياجات كلها من أهم الوسائل في حماية المجتمع من مظاهر الفواحش؛ ومن ثم حماية الأعراض التي هي مقصد من مقاصد الشريعة الغراء والرسالة الخاتمة ؛ إذ أن غاية أمرها مراعاة مصالح الخلق بجلب ما ينفعهم ودفع ما يضرهم ؛ وشريعةُ الإسلام تضع كل هذه الضمانات التي تحفظ للإنسان عِرْضَه وشرَفه، فجدير بنا أن نتمسك بالإسلام قولاً وعملاً، عبادة وخُلقًا، عقيدةً وشريعة .
العنصر الثالث: مسئوليتنا عن العرض والشرف
أحبتي في الله: اعلموا أنكم مسئولون عن أسركم وأولادكم وأزواجكم وأعراضكم يوم القيامة؛ هل حافظتم عليها ؛ هل اتقيتم الله في أعراضكم وأعراض الناس وراءكم؟! قال صلى الله عليه وسلم :” كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ …” ( متفق عليه) وقال أيضاً: ” إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاهُ أحفظَ أم ضيَّعَ؟ حتى يُسألَ الرجلُ عن أهلِ بيتِه “( النسائي وابن حبان) ” قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه ، وما هو تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته ” (شرح النووي).
فعلينا أن نتربى جميعًا ونربي أبناءنا وبناتنا على الحياء والنخوة والرجولة والغيرة وحفظ العرض والشرف؛ وما غيرة سعد بن عبادة عنا ببعيد؛ فعَنْ الْمُغِيرَة قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ! وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ “. (متفق عليه)؛ وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ” لما نَزَلَتْ { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا } قال سعدُ بنُ عُبادةَ وهو سيِّدُ الأنصارِ: أهكذا نَزَلَتْ يا رسولَ اللهِ؟! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : يا مَعشرَ الأنصارِ ألا تسمعونَ إلى ما يقولُ سيدُكُم!! قالوا: يا رسولَ اللهِ لا تلُمْهُ فإنه رجُلٌ غَيورٌ واللهِ ما تزَّوج امرأةً قطُّ إلا بِكرًا ؛ وما طلَّق امرأةً له قَطُّ فاجترأ رجُلٌ مِنَّا على أنْ يتزوجَها من شِدَّةِ غَيرَتِه. فقال سعدٌ: واللهِ يا رسولَ اللهِ إني لأعلمُ أنها حقٌّ وأنها من اللهِ تعالى ولكنِّي قد تعجبتُ أني لو وجَدتُ لَكَاعٍا تَفَخَّذَهَا رجُلٌ لم يكنْ لي أن أُهيجَه ولا أُحركه حتى آتيَ بأربعةِ شُهداءَ فواللهِ لا آتي بِهِمْ حتَّى يَقْضِيَ حاجتَه”.(أحمد والحاكم وصححه).
إن سعداً يعلم تمام العلم أن هذا أمر الله وتشريعه؛ ومع ذلك دعته غيرته على عرضه وشرفه أن يقول هذا الكلام!! لذلك شُرع اللعان حفاظاً على هذه النخوة والرجولة؛ فالقذف يكون بين الناس عامة؛ أما بين الزوجين فشرع اللعان!! فأين نحن من هذه الشهامة والنخوة والغيرة على العرض والشرف؛ انظروا إلى النساء والفتيات والبنات الكاسيات العاريات يمشين مع أزواجهن وآبائهن دون نخوة ولا حياء؛ ويفتخر بذلك أهلها وزوجها تحت ستار الرقي والتحضر والموضة ؟!
انظروا إلى حياء أمهاتنا الأوائل !! وما أجمل حياء أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهَا: فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا» فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ! قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا، لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» ( النسائي والترمذي) .
يا سبحان الله! الرَّسول صلى الله عليه وسلم يقول لأم سلمة: «يرخين شبرًا»، ولكنَّها تقول: إن النِّساء لا تطيق هذا؛ لأنَّ أقدامهنَّ ستنكشف عند المشي، فلم ترضَ أن يرخى الثَّوب شبرًا يجرجر في الأرض؛ ولكنَّ فتيات هذا الزَّمان رضين بهذا الشِّبر، ولكنَّه ليس شبرًا يجرجر في الأرض، لكنَّه شبر فوق الرُّكبتين. فالمرأة في الحقيقة هي قطعة من الحياء، فإذا فقدت المرأة حياءها؛ فقدت كلَّ شيءٍ، وفعلت كلَّ شيءٍ؛ وبطن الأرض خير لها من ظهرها .
فعليكم إصلاح أولادكم ؛ والصبر والتصبر في تعليمهم ؛ وتعويدهم على العفة والحياء والحفاظ على العرض والشرف؛ واحفظوهم من الضياع مع الشباب الفاسد الطائش؛ فأولادكم أمانة في أيديكم وستسألون عنهم فماذا أنتم قائلون؟!!!
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى والفوز بالجنة والنجاة من النار ؛؛؛؛؛؛
الدعاء…….. وأقم الصلاة،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف